بروفيسور ألماني يعالج مرضاه بالصيام

علاج الصوم ليس بدعة

الصوم هو واحد من أكبر اتجاهات إنقاص الوزن التي ظهرت في السنوات الأخيرة، فقد أصبح الصوم الموضوع الرئيسي لسلسلة من الكتب الأكثر مبيعًا، وكان الصوم هو النظام الغذائي الثامن الأكثر بحثا في الإنترنت في أمريكا في سنة ٢٠١٨.

يستخدم البروفيسور أندرياس ميشيلسين، وهو طبيب باحث ورنيس قسم الطب التكميلي في مستشفى جامعة شاريتيه في برلين، ما يسمى بالصيام المتقطع، أو تناول الطعام لفترات زمنية محددة، لمساعدة مرضاه الذين يعانون من مجموعة من الأمراض المزمنة؛ مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض الروماتيزم والأمعاء، فضلاً عن متلازمات الألم مثل الصداع النصفي والتهاب المفاصل.

الصوم يحفز مواجهة الشيخوخة وتقوية المناعة من خلال البلعمة الذاتية

يبحث الباحثون بشكل متزايد عن التوقيت الأمثل للوجبات ومدة الصيام والآثار الصحية المحتملة المختلفة. فقد وجد العلماء في جامعة بادوا على سبيل المثال، أن الشباب الرياضيين الأصحاء الذين يصومون لمدة ١٦ ساعة استفادوا من التغيرات الأيضية الإيجابية على مدى ثمانية أسابيع مقارنة بأقرانهم، فقد تم خفض مستويات العوامل الالتهابية في دمائهم وعوامل تسريع الشيخوخة، بما في ذلك مستويات الأنسولين.

فعندما نأكل، يطلق جسمنا هرمون الأنسولين، وهذاالهرمون يعطل عملية البلعمة الذاتية [autophagy] (من اليونانية ، والتي تعني “التهام الذات”)، والتي تخلص الخلايا من مكوناتها القديمة التالفة  والتي تساعد على إطلاق الطاقة وبناء جزيئات جديدة. وتعمل البلعمة الذاتية على مواجهة شيخوخة الخلايا وعلى تقوية المناعة.
يحفز الصيام البلعمة الذاتية ويسمح بأداء كامل العمليات الحيوية في أجسامنا، كما أشار بحث بقيادة فرانك مايدو في جامعة غراتس سنة ٢٠١٧.

الصيام يساعد في تجنب حالات الكبد الدهني وأمراض البنكرياس والسكري

أظهر ذلك عالم الأحياء ساتشيناندا باندا بمعهد سالك في كاليفورنيا في تقرير صدر سنة ٢٠١٢ في مجلة أيض الخلايا [Cell Metabolism]. فقد أطعم مجموعة من الفئران نظاما غذائيا غنيا بالدهون على مدار الساعة لمدة ١٨ أسبوعًا؛ فظهرت لديها حالات الكبد الدهنية، وأمراض البنكرياس والسكري.
لكن عندما تم تغذية مجموعة أخرى بنفس عدد السعرات الحرارية اليومية بالضبط، ولكن خلال فترة زمنية محددة لمدة ثمان ساعات، فقد كان مثيرا للدهشة أن المجموعة الثانية ظلت أقل حجما وأكثر صحة لفترة أطول.

الصيام يساعد في منع تكرار الإصابة  بالسرطان

قد يكون الصيام فعالاً في منع تكرار الإصابة بالسرطان، كما تشير النتائج الأولية للدراسة الوبائية التي أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، والتي نشرت في سنة ٢٠١٦ في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية للسرطان [JAMA Oncology].
فمن بين ٢٤٠٠ امرأة مصابة بسرطان الثدي في مرحلة مبكرة قدمت معلومات عن إيقاع تناول الطعام، عانت حوالي٤٠٠ امرأة من أورام جديدة في غضون سبع سنوات، لكن النساء اللاتي صمن لمدة ١٣ ساعة ليلا كان لديهن خطر أقل بنسبة ٢٦٪ من المجموعة الأخرى، وقد تبين أن خلايا السرطان أقل قدرة من الخلايا الطبيعية على التغلب على نقص السكر.

الصيام يمكن أن يسهم أيضا في صحة الدماغ والسعادة

أثبت عالم الأحياء العصبي مارك ماتسون، في تجارب على مدى عقدين من الزمن أن عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ ب د ن ف [BDNF] يساهم بشكل كبير في صحة الدماغ والمزاج الإيجابي، ووجد أن الصيام وتقييد السعرات الحرارية يعمل على زيادة عامل نمو الأعصاب.
والتجارب التي أجراها على الحيوانات أظهرت أن الصيام بشكل متقطع يقلل خطر الإصابة بمرض الشلل الرعاش والتصلب المتعدد ومرض الزهايمر، على الرغم من أن هذه النتائج يجب تأكيدها بوضوح في دراسات بشرية كبيرة للوصول إلى أي استنتاج قاطع.

كل هذا يطرح سؤالاً: إذا كان يجب علينا عمومًا تناول وجبتين فقط في اليوم، فما هي الوجبة الأفضل تخطيها؟

بدلاً من الإفطار، يجب أن نتناول الغداء مثل الملوك

الغداء الغني يساعد على تجنب الجسم تناول عشاءًا كبيرًا، الأدلة العلمية لأهمية الإفطار شحيحة. بدلاً من ذلك، يجب أن نتخطاها ونتناول الغداء مثل الملوك.

فقد انتشرت المقولة “تناول وجبة الإفطار مثل الملك، والغداء مثل الأمير والعشاء مثل الفقير”، ومع ذلك فإن الأدلة العلمية لأفضلية وجبة الإفطار شحيحة، ولكن من الناحية الواقعية، من السهل تخطي وجبة الإفطار بدلا من تخطي وجبة العشاء.

أظهرت دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية في سنة ٢٠١٦ أن من بين ٦٩ امرأة، فإن اللاتي تناولن معظم سعراتهن الحرارية في فترة الغداء قد انخفضت أوزانهن بمقدار حوالي ٢ كيلوغرام خلال ١٢ أسبوعًا عن أولئك اللاتي تناولون عشاءًا بكمية أكبر.

ففي وقت الغداء يحتاج الجسم إلى أكبر قدر من الطاقة للحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الجسم، وبأقل درجة تتخزن الطاقة عفى شكل الدهون لدينا.

هناك طرق مختلفة للقيام بهذا النوع من الصيام، لكن البروفيسور الألماني ينصح المرضى بتجاهل إما العشاء أو الفطور، بحيث لا يتناولون أي طعام لمدة ١٤ ساعة على الأقل، وهذا يجعل الغداء هو أهم وجبة في اليوم. كما أنه يقلل من الوقت الذي يقضيه كل يوم في هضم الطعام، ويطيل الفترة المخصصة لتجدد خلايا الجسم وتخلصها من السموم، وكلاهما له آثار صحية إيجابية.

اعتماد هذه التقنية ليست صعبة كما قد يبدو؛ فإذا كنت تنام من الساعة ١١مساءً حتى الساعة ٧ صباحًا، فقد صمت لمدة ثماني ساعات. الآن تحتاج فقط لستة أخرى، ومن الأفضل تجنب تناول الطعام في وقت متأخر من المساء للسماح لجسمك بحرق الطاقة من الطعام بدلاً من تخزينها، لذلك إذا تناولت العشاء في الساعة ٧ مساءً، فهذه أربع ساعات أخرى.

لتناول الإفطار، يمكنك أن تكتفي بتناول القهوة أو الشاي (ربما مع إضافة قطعة صغيرة من الفاكهة)، إلى أن أن يحين موعد الغداء وبذلك تكون قد تعديت الـ ١٤ ساعة بوضوح، ولا تحتاج إلى تقييد نفسك الآن؛ يمكنك الحصول على وجبة الغذاء الكاملة، وتناول الطعام حتى تكون ممتلئًا.

الصوم يتغلب على حاجة غريزية بطريقة تعطينا القوة البدنية والعقلية

الصيام هو أكثر من مجرد تقييد السعرات الحرارية أو المواد الغذائية. بالنسبة لكثير من الناس هو أيضًا تجربة دينية وروحية عالية تقربنا من الخالق عز وجل.

على مدار الحياة نواجه الكثير من أنواع النقص، سواء كان ذلك من المال أو النجاح أو المودة، الصيام هو التدرب بوعي على أنواع النقص والحرمان، وهذا هو السبب في أن الصيام الناجح يزيد من الفعالية الذاتية بأن نتغلب على حاجاتنا الغريزية بطريقة تعطينا القوة البدنية والعقلية.

 

شاهد أيضاً

تناول المضادات الحيوية عند الإصابة بالانفلونزا قد يقتلك

الفيروسات لا تتأثر بالمضادات الحيوية، وتأثير المضادات الحيوية يضعف المناعة وتزداد خطورة المرض يحذر الكثير …